شهادتي السياسية: من بوگي إلى كرمسين الحلقة الثالثة

تحدثت في الحلقة الماضية عن الأجواء السياسية في مدينة روصو (التي وصلت إليها مع نهاية أكتوبر 1993) قادما من مدينة بوگي، وتحدثت بإيجاز عن المشاركة المحدودة في الأنشطة السياسية خلال تلك الحملة ، وبررت ذلك بأني كنت على نية النزول للميدان السياسي ببلدية كرمسين للمساعدة في إنجاح لائحة الحزب الجمهوري التي يقودها السياسي المخضرم والوجه السياسي البارز الوالد الفاضل محمذن ولد الصابر رحمه الله.

وسأتحدث في هذه الحلقة عن الأجواء السياسية التي طبعت الحملة الإنتخابية في بلدية كرمسين في انتخابات1994.

كانت تلك الحملة المتسمة بالهدوء بالنسبة لي محطة سياسية جديدة وإضافة نوعية في التأطير السياسي المتوازن ، ولعل ذلك يعود إلى طبيعة المتنافسين والمؤطرين من جهة، كما يعود من جهة أخرى إلى المجتمع المسيني الذي تربطه علاقات تاريخية قوية تسمو على كل المواقف السياسية الآنية.

كانت اللائحة الوحيدة التي نافست لائحة الحزب الجمهوري هي لائحة الإتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم (UDP) التي كان يقودها السياسي المعروف بالرزانة والهدوء صديقي العزيز السيد بچاه ولد ابرام رحمه الله.

لقد جسدت تلك الحملة ماكان يتصف به هذان الرجلان السياسيان من أخلاق فاضلة وترفُّعٍ عن كل ما من شأنه أن يمس من جو السكينة والوقار ، كان يدير حملةالحزب الجمهوري الخبير الإقتصادي والإطار السياسي المعروف والإداري المالي السيد محمدن ولد احمياده (بديه)رحمه الله، يساعده طاقم من الشخصيات الإجتماعية والسياسية من مختلف قرى بلدية كرمسين، وهي شخصيات معروفة بحكمتها وحنكتها السياسية وحرصها على الإنسجام الإجتماعي بين مكونات المجتمع المسيني.

وكان هذا الطاقم يمتاز بالحيوية والديناميكية في العمل السياسي الميداني. وأذكر من أولئك الأعيان الذين كان لهم حضور مميز في تلك الحملة على سبيل المثال لا الحصر:

ــ الشخصية الإجتماعية والسياسية المعروفة بحرصها على التوافق والوحدة بين مكونات المجتمع المسيني الوجيه ورجل الأعمال المنفق في سبيل الله السيد المصطف ولد اللخمي الملقب آتف رحمه الله

 ــ الشخصية الإجتماعية المعروفة بسعة الباع في العلم والثقافة والسياسة الوجيه عبدالرحمن ولد الشدو رحمه الله

ــ رمز الحكمة والحنكة السياسية والصبر والأناة السياسي المعروف العمدة والنائب السابق الشدو ولد محمد المختار ولد بلي رحمه الله

ــ الوجه الإجتماعي البارز المعروف بالرزانة والحكمة السيد لحبيب ولد چب رحمه الله

ـ العالم الجليل والشخصية الإجتماعية المعروفة الشيخ محمد لكبير ولد محمد آسكر أطال الله عمره

ـ الشخصية الإجتماعية والزعيم التقليدي السيد اميليد ولد أعمر سالم ولد عبدي رحمه الله

ـ الشخصية الإجتماعية والزعيم التقليدي السيد سيد ولد محمد ولد حمدي أطال الله عمره

ـ الرمز السياسي المعروف بحنكته وتجربته في العمل السياسي الميداني العميد بنض الشيخ سين أطال الله عمره

ـ الشخصية الإجتماعية والسياسية المعروفة السيد محمذ ولد أحمد تلمود أطال الله عمره

 ــ الشخصية الإجتماعية والسياسية المعروفة الوجيه السيد محمد ولد عمر الملقب لمرابط أطال الله عمره

ـ الشخصية الإجتماعية والسياسية المعروفة الشيخ أحمدو زين ولد عبدي رحمه الله

ـ الشخصية الإجتماعية والوجيه السيد علي ولدا برام أطال الله عمره

ــ الشخصية الإجتماعية والوجيه السياسي السيد محمد ولد علي ولد محموت أطال الله عمره

ــ الشخصية الإجتماعية والوجيه المعروف السيد الداه ولد بابكر انينگ رحمه الله

ــ الشخصية السياسية والمثقف المعروف الأستاذ عبدالله سين رحمه الله

ــ الوجيه والسياسي المحنك السيد الحسن ولد بلاها أطال الله عمره

ــ الشخصية الإجتماعية والسياسي المعروف السيد محمد ولد إميجن أطال الله عمره

ــ الشخصية السياسية المتمرسة و الوجيه المعروف السيد بابو ولد النوه أطال الله عمره

– الوجيه والسياسي المحنك محمد عالي ولد ادييج رحمه الله.

بالإضافة إلى الشخصيات المذكورة أعلاه فقد تم تشكيل لجان من الشباب والنساء تمثل لجان العمل الميداني كانت تعمل وفق خطط مدروسة ، وكان لهذه اللجان دور كبير في إنجاح لائحة الحزب في تلك الإنتخابات ، وقبل أن أتابع الحديث عن مشواري السياسي الذي كانت المشاركة المذكورة في حملة الإنتخابات البلدية (1994) هي بدايته فسأتحدث ولو بإيجاز عن الخصوصية السوسيولوجية للمجتمع المسيني المسالم التي تجعل الممارسة السياسية فيه  ـ حسب وجهة نظري ـ أسهل من ممارستها في مجتمعات أخرى ، وأعتقد أن ذلك يعود إلى جملة من العوامل منها :

ــ تقدير المجتمع المسيني للعلاقات الإجتماعية التاريخية التي تربط بين أفراده

ــ متانة العلاقات بين أبناء المجتمع المسيني التي ساعد فيها عدم وجود الصراعات السياسية والفكرية التي عرفتها مناطق أخرى من هذا البلد وذلك بسبب احتضان تلك المناطق لتيارات سياسية مختلفة المشارب ظلت متصارعة إلى عهد قريبا ، إِذْ من المعروف أن المجتمع في مقاطعة كرمسين على امتداد خريطته الجغرافية (من امبيوه جنوبا إلى الجامع شمالا) يمثل نسيجا اجتماعيا واحدا و متعاطفا ومتضامنا .

وظل هذا المجتمع بجميع مكوناته رغم التطورات والأحداث السياسية التي عرفتها موريتانيا يقدم المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيقة، فعلى الرغم مما قد يلاحظ من اختلاف في وجهات النظر بين الأطر والسياسيين إلا أن الإحترام المتبادل بين هؤلاء السياسيين ظل سيد الموقف في كل موسم سياسي ولله الحمد ، وفي هذا المناخ السياسي المسيني الأصيل الذي يتميز بالإعتدال، ومع وجود كوادر سياسية من أبناء مقاطعة كرمسين يمتلكون القدرة والكفاءة الكافيتين لمواكبة التحولات السياسية في البلد منذ بداية التسعينيات، ويحظون بثقة حواضنهم الإجتماعية التي تمثل المرتكز الأساسي والعمق الإستراتيجي في المعترك السياسي أقول :

في هذا الجو السياسي رأيت من المناسب أن أسهم من موقعي في المجتمع المسيني قدر المستطاع في إنعاش الساحة السياسية، معتمداً على الله تبارك وتعالى أولا ثم على رصيدي من مدرستي السياسية الأولى (مدرسة الحزب الجمهوري ومؤطريها إبَّانَ وجودي معهم في مدينة بوگي) ، فعلى الرغم من أنني لم أشغل أي منصب سياسي حزبي يذكر (باستثناء عضوية في المندوبية المقاطعية للشباب في الحزب الجمهوري بمقاطعة كرمسين) إلا أنني كنت أصول وأجول مع هذا الحزب في كل أنشطته السياسية والتوعوية والتثقيفية.

فبعد حملة البلديات عام 1994 شاركت بفعالية في حملة الإنتساب للحزب الجمهوري سنة 1995 حيث كنت عضوا في لجنة الدعم على مستوى قسم الحزب في المقاطعة.

ـــــــــــ يتواصل

في الحلقة القادمة سأتحدث إن شاءالله- في سطور ـ عن الإستحقاقات البلدية والنيابية والرئاسية في مقاطعة كرمسين (مابين1996 و2003)