د محنض ولد خالد يكتب “مكافحة الفساد ومتطلباتها”
5 ساعات مضت
الأخبار
81 زيارة
أكد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في أكثر من مناسبة أن الحرب ضد الفساد حرب لا هوادة فيها ، فلا تنمية ولا عدل ولا إنصاف مع الفساد ، حرب النخبة وقادة الرأي ، حرب تتطلب تضافر جهود الجميع كما أكد أنها تتطلب استراتيجية أشمل أكد فخامته أنها تستوجب العمل على تغيير المقاربات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و المسلكيات السائدة كما تتطلب آليات عمل جديدة تمنع كبح و إعاقة ديناميكية الإصلاح
بما يحقق الهدف المنشود
ويمكن من تحقيق الإصلاح الجذري
وفي هذا السياق ومساهمة في هذا المجهود نود تسليط الضوء على بعض الظواهر و المسلكيات التي يجب معالجتها لمواكبة هذا الإصلاح
• ظاهرة انسياق النخب السياسية المثقفة وراء شخصيات محلية(قيادية) لا تمثل إلا نفسها ومصالحها
من يمثل من ؟!
تنشأ هذه الظاهرة في كثير من المجتمعات – ومجتمعنا ليس بدعا منها- خاصة وأننا عانينا قبل ما يقارب عقدا من الزمن من ضعف مؤسساتي و انتقالات سياسية غير مستقرة
مما ساعد على ظهور الشخصيات (القيادية) التي تتصدر المشهد العام دون أن تعبر فعليا عن الإرادة الجمعية أو المصلحة العامة بل عادة تمثل مصالحها الذاتية أو مصالح شبكة ضيقة من المنتفعين ، وتقف خلف هذه الظاهرة سياقات متعددة تتداخل فيها عوامل النخب السياسية و المثقفة و أدوارها المتناقضة في تكوين وإنتاج وعي جمعي و تكريسه لخدمة النفوذ والمال ، فالفاعل الأول في إعادة تشكيل النظام السياسي هي النخب السياسية بطبيعتها أو هكذا يفترض
فهي تمتلك أدوات السلطة والفكر لكن عندما تفتقر هذه النخبة إلى رؤية وطنية شاملة تتحول إلى فئة مغلقة على ذاتها نازعة إلى خلق (قيادة) تخدم استمرار مصالحها الذاتية و الضيقة لا تخدم التطلعات الجمعية فتصبح في هذه الحالة أداة لإعادة النفوذ وليست لتجسيد آمال الساكنة
فتنساق عادة وراء شخصية تخدم مصالحها الذاتية والمحلية جدا ، أما النخب المثقفة والتي يجب أن تلعب دور الضمير الجمعي النقدي
فإنها كثيراً ما تقع في فخ التماهي مع هذه الشخصية ( القيادية) أو على الأقل مع شرعيتها الرمزية فبعض المثقفين لا يجد غضاضة في الترويج لهذه الظاهرة فقط لأن أصحابها يملكون سلطة ومالا و منبرا ، فيتحولون إلى شهود زور ، والسؤال الجوهري : من تمثل هذه القيادة (الظاهرة) التي قد قد تتبوأ مناصب رفيعة ؟ التي في كثير من الحالات لا تمثل إلا دوائر ضيقة من أصحاب النفوذ المالي أو القبلي أو الطائفي أو الإيديولجي ويتم تسويقها على أنها توافقية أو كارزمية
بينما هي صناعة نخبوية بامتياز هدفها حماية توازنات معينة وليس تجسيد إرادة جمعية وفي هذا الإطار تستبعد القوى الحقيقية و تقصى الكفاءات و تخرس الأصوات المعبرة والمستقلة التي تمثل المسارات الإجتماعية و السياسية التي تعبر عن الإرادة الجمعية لأنها لا تتوافق مع اللعبة التي عادة تدار خلف الكواليس حيث ينسج السياسيون و(المثقفون) خيوط المسرحية ، و يجب الإنتباه إلى دور الإعلام الذي تسيطر عليه هذه النخب في تلميع هذه الشخصيات وخلق هالة كاذبة حولها توحي بأنها قدر محتوم أو خيار أوحد.
بينما هي في الواقع تمثل انسداد الأفق لا انفراجه
و إن كان ثمة مخرجا من هذا السياق المأزوم ، فإنه يبدأ بإعادة تعريف مفهوم القيادة (القيادي) ليس بوصفه قدرا أوحد بل يجب أن يعبر عن ديناميكية مجتمعية حية تشارك فيها كل الفئات وتخضع للرقابة والمساءلة .
ختاماً :
إن النخب السياسية و المثقفة قد تصنع قيادات محلية لا تمثل إلا نفسها ومصالحها الخاصة ، تسهم في إضعاف المجال العام وتكريس حالة من الإنفصال بين المواطن والسياسة ولن يكون هناك تجديد سياسي حقيقي إلا إذا أعيد الإعتبار لفكرة أن القيادة مسؤولية تمثيلية لا امتياز شخصي ، إن دور النخب هو نقد الوعي والبحث عن مسارات تجسد هذا الوعي لا صناعته على مقاسات معينة .
الدكتور محنض محمد خالد