مهرجان المذرذرة الدولي… سيرة حلمٍ يمشي فوق الشوك/ أبنو محمدن إفكو

لم يولد مهرجان المذرذرة الدولي في ظلال الرفاه، ولم يترعرع في مناخ مطمئن؛ بل خرج إلى الوجود حلمًا عنيدًا، يشق طريقه فوق الشوك، ويختبر منذ خطواته الأولى قسوة الواقع وضيق الأفق لدى من لا يرون في الضوء إلا ما يفضح عتمتهم. فمنذ الإعلان عنه، توالت العثرات وتكاثرت المطبات، كأن ثمة من عقد العزم على أن يظل الفرح مؤجَّلًا، وأن تبقى المبادرات الكبرى رهينة سوء النوايا.

بدأ الأمر بالتشكيك، ذلك السلاح السهل الذي لا يحتاج إلى جهد ولا إلى حجة، ثم انسحابات صاخبة، وحكايات منسوجة على عجل، وأصوات تحترف النفخ في رماد الخلافات القديمة وإيقاظ النائم منها، حتى داخل الأسرة الواحدة، إرضاءً لهوى الحاقدين .

فكان الهدف واضحًا: إرباك المسار، وكسر الروح، وتحويل الحلم إلى عبء.

غير أن الأحلام الصادقة لا تموت بسهولة. فقد واجهت اللجنة المنظمة هذا السيل من الإرباك بهدوء العارفين، وبإصرار من أدرك أن الطريق إلى المعنى لا يكون معبّدًا. وفي قلب هذا المسار الشائك، قاد الدكتور محمد سالم ولد الصوفي، رئيس مهرجان المذرذرة الدولي، المشروع بحنكة راكمتها التجربة، وبخبرة رائدة في تدبير الفعل الثقافي. مكّنته رؤيته الهادئة وقدرته على استيعاب الاختلاف من تجاوز العثرات واحتواء الصعاب، جامعًا حول المهرجان أطيافًا متعددة. لقد أثبت أن القيادة الحقيقية تتجلّى ليس في مواجهة الصعاب فحسب، بل في القدرة على تحويل كل تحدٍ إلى فرصة، وجعل الحلم الجماعي متاحًا للجميع .

لقد كان القائمون على المهرجان يدركون أن مهرجان المذرذرة ليس مجرد موعد عابر في رزنامة الاحتفالات، بل هو وعد للمنطقة بأن تكون مرئية، وبوصلة تشير إلى أن الهامش قادر، إذا شاء، أن يصير مركزًا.

في كل عثرة كانت هناك خطوة إلى الأمام، وفي كل محاولة إجهاض كانت الإرادة تتصلّب أكثر. 

فالمهرجان، في جوهره، ليس مسرحًا وأغنية فحسب، بل مرآة تعكس روح المقاطعة، وذاكرة تُستعاد، وأفقًا اقتصاديًا وسياحيًا يُفتح على احتمالات جديدة. ولذلك، فإن استهدافه لم يكن سوى خوفٍ مقنّع من نجاحٍ لا يمكن احتواؤه.

وحين يُساء استخدام النقد، ويتحوّل من أداة إصلاح إلى معول هدم، يصبح الصمت خيانة، ويغدو الاستمرار فعل مقاومة. فليس كل اختلاف عيبًا، وليس كل صخب دليلًا على الحياة؛ بعض الضجيج لا يقول شيئًا، بينما تصنع الأفعال الصامتة تاريخها ببطء وثبات.

سينجح مهرجان المذرذرة الدولي، ما دامت الإرادة حيّة، تجربةً تُعلّم أن العثرات لا تعني السقوط، وأن الخلاف لا يُلغي الحلم، وأن النجاح الحقيقي هو ذاك الذي يولد من رحم المعاناة. إنها قصة منطقة اختارت أن تقول «نعم» للحياة، رغم كل من أراد لها أن تبقى في الصفوف الخلفية.

  فالمهرجان ليس سوى اسمٍ آخر للأمل، والأمل، حين يتجذّر، لا تقتلعُه الرياح مهما اشتدّت.

والمهرجان سينجح رغم كل العثرات والصعاب. 

موعدكم مع مهرجان المذرذرة الدولي : أيام 26 و 27 و 28 / 12 /2025

عن Elmansour

شاهد أيضاً

ناشط شبابي يتهم عمدة كرمسين بتهديده بالسجن بسبب منشورات انتقادية

أكد الشاب المؤيد ولد محمد العتيق، المعروف بمناضل كرمسين، لمسين إنفو، أن عمدة بلدية كرمسين …