إلى متى تستمر معاناة مركز انجاكو / محمد لولي ادريس

يعتبر مركز انجاكو الإداري أول مركز إداري، ويمثل بسكانه وجغرافيتة موريتانيا مصغرة، ففيه تتعايش كل الإثنيات المكونة للشعب الموريتاني، وفيه كافة طبقات المجتمع (أغنياء ومتوسطون وفقراء)، وهو البلدية الوحيدة التي تطل على محيط ونهر وتنام هادئة على بحر ثالث من الغاز والنفط، وأراضيها بين سهول زراعية خصبة ومرتفعات رملية تعتبر مخزونا هاما للأعشاب، فهي بذلك منتجع هام للمنمين، إضافة لكونها سلة غذائية للبلد، بها أحد الموانئ الخمسة (ميناء انجاكو)؛ وبها أحد أكبر سدين على النهر (سد جاما)، وبها ثاني محمية وطنية (محمية جاولينك)؛ مما جعلها قطبا اقتصاديا واعدا، إضافة لكل ما سبق فإن سكان انجاكو من أكثر الشعب الموريتاني نشاطا، ولا يقتصر النشاط على فئة الشباب المنخرط بشكل شبه تام في قطاع الصيد بالإضافة لزراعة الخضروات، لكن اللافت هو النشاط النسوي في العمل الزراعي والأعمال اليدوية التقليدية وشبه التقليدية والانخراط في تعاونيات منتجة لو وجدت أبسط دعم أو مساندة حتى ولو معنوية، إلى جانب هذا كان أبناء المركز من أوائل المتمدرسين، فقد أنجبت انجاكو عشرات الأطر ترقى بعضهم لأعلى الوظائف الإدارية والانتخابية، يمد كل ذلك تاريخ حافل بالتعايش السلمي والتلاقح الثقافي بين مكونات المجتمع، فمن يجهل محاظر: أهل انتفي، وأهل بجاه، وأهل مادي، وأهل انجاك، وأهل عباس، وباقي محاظر أهل بحبيني وأهل محمل أعمر وإجواج….

رغم كل هذا وغيره لا يزال المركز يرزح تحت نير العطش والمرض والظلام والعزلة…
هل يعقل -ونحن في 2022- أن ينقطع الماء عن مدينة بحجم انجاكو وعن عشرات القرى ذات الكثافة السكانية ولمدة شهر وأكثر؟!
أليس من المخزي أن نعتمد في أبسط مقومات حياتنا على الجارة السنغال؟!
هل يعقل أن يكون سعر النقل بين انجاكو وانواكشوط أغلى منه بين انواكشوط وفصالة؟! رغم أن فارق البعد يساوي 1000 كلم والسبب وعورة الطرق أو انعدامها تماما؛ حيث لا يمر من المركز أي طريق مسفلت، والطريق المنتظر (ابنينعجي – ميناء انجاكو) لن يفك العزلة عن القرى لأنه لن يمر بها أصلاً.
هل تعلم أن عمال التعليم والصحة والأمن والدفاع يتمنون العمل في اترارة بعد انواكشوط نتيجة لقربها من الأخير إلا أن انجاكو يعتبر استثناء؟!، فقد تبدأ السنة الدراسية وتنتهي ومعلمو انجاكو رواتبهم معلقة لأنهم يفضلون انقطاع الرواتب على انقطاع السبل في مركز يلتقى حتى بثه الإذاعي من السنغال .
كل هذا يحدث وغيره وفي المركز حاكم (رئيس)، وعمدة (نائب) نافذ، وبه فرق للدرك والبحرية والشرطة والجمارك والحرس، فلا شك أن معاناة المركز تصل لأعلى المستويات، لكن الجهات المعنية التالية: المكتب الوطني لخدمات الماء في الوسط الريفي (ONSER)، وشركتي المياه والكهرباء، وشبكات الإتصال، ووزارة التجهيز والنقل، لا تقوم بعملها وتأمن -تمام الأمن- جانب ساكنة انجاكو المسالمة والمستسلمة.
فمتى يتغير الوضع؟!

#لك_الله_ياوطني

محمد لولي إدريس

عن Elmansour

شاهد أيضاً

كرمسين إنطلاق الإحصاء ذي الطابع الانتخابي

أشرف رئيس اللجنة الفرعية للانتخابات على مستوى مقاطعة كرمسين السيد محمد المصطفي الشيخ مامدو زوال …