المعلم سهل أحمد يكتب رسالة إلى وزير التهذيب:

كتب المعلم في مدينة روصو و القيادي في النقابة الحرة للمعلمين الموريتانيين سهل ولد أحمد رسالة إلى وزير التهذيب الوطني يوضح فيها وضعية. التعليم في البلد و هذا نص الرسالة

 

بما أن وزير التهذيب الوطني وإصلاح النظام التعليمي السيد Moctar Ould Dahi من رواد التواصل الاجتماعي وخصوصا عالمنا الأزرق الفيسبوك، وبوصفي أحد ممتهني مهنة التعليم في هذا البلد، وقبل الافتتاح بأيام معدودة سأحاول أن أضعه في الصورة من كل جوانبها، لكي لا يغترَّ بالصورة الوردية التي يرسم له أعوانه في القطاع هذه الأيام:

 

أولا البنية التحتية:

 

تعلم ويعلم الجميع أن واقع المدارس يكفي حالها عن سؤالها، فلا تخلو مدرسة في هذا البلد من تهالك في بنيتها التحتية، بدءا بأقسامها وليس انتهاء بمرافقها العمومية، فنسبة كبيرة من الأقسام معدومة الأبواب والنوافذ، ولا يخلو غطاؤها من التقعر وأرضيتها من التشقق، وعن سبوراتها حدث ولا حرج، سبورات صُممت على مقاس تقليدي قديم، وبُني أغلبها من خليط غلَّبت الرمال على إسمنته، الطاولات داخل هذه الأقسام لا يتماشى الموجود منها مع بنية التلاميذ الجسمية، تجد طاولة مُعدة لفئة الكبار يجلس عليها تلميذ في السنة الأولى إبتدائية، ويُصادفك تلميذ في السنة السادسة إبتدائية يفترش الأرض أو يفترش خنشة من الأرز أو القمح جلبها من منزل أهله قصد الجلوس عليها، أسوار المدارس معدومة، وفي مدارس العاصمة يتربص اللصوص الدوائر بالمدرسين، يلجون عليهم أقسامهم من دون رقيب ولا حسيب، هذا فضلا عن الهاجس الأمني عند خروجهم من مدارسهم وقت انتهاء الدوام.

ثانيا المستلزمات الدراسية:

يشهد القطاع منذ سنوات تخبطا غير مسبوق في المناهج والطرق التدريسية، مما شكل خلبطة في أذهان أغلب المدرسين، فمثلا يتم تكوين معلم على تدريس سنة معينة في مدرسة ما، وعند انتهاء ذلك التكوين يتم تحويله إلى مدرسة أخرى ويُمنح له قسم آخر، وكأننا نعيش بُصاق الأعمى، “يحفر هنا، وببصق هناك، ويردم هنالك”، فالكتب المُعدة أنها تجريبية لا تغطي العدد الكافي من المستهدفين، والكتب القديمة رمتها الوزارة في سلة المهملات ولم يعد العمل بها ساريا رغم انعدامها هي الأخرى، المُدرس في القسم تتقاذفه موجة تحريم الهاتف الخلوي وانعدام الكتب الورقية، ما جعله يستعين بصيغ مُبَدْفَأَة من هذه الكتب PDF، هذا للذي يمتلك هاتفا ذكيا ويعيش داخل المدينة، أما مدرسي الأدغال فتلك حالة أخرى يعجز اللسان عن وصفها.

ثالثا حالة المدرس وتلك حالة:

المُدرس وما أدراك ما المُدرس، المُتحدث عنه يَحيرُ قلمه من أين يبدأ، ولسانه أين ينتهي؟ مدرس المدينة أو المُدن، يعيش براتب زهيد وبعلاوات متقطعة تقطع المياه والكهرباء في انواكشوط أيام الخريف، راتبه لا يكفيه مؤونة تنقلاته اليومية إلى مدرسته، فمثلا غالبية المدرسين يسكن في مقاطعات غير التي يدرس بها، فتجد مدرسا يقطن في تيارت أو توجنين يُدرس في الرياض أو الميناء أو السبخة، وآخر يسكن عرفات ويُدرس في تيارت أو تفرغ زينه، هذا في الوقت الذي تشهد فيه العاصمة صعوبة في النقل وغلق أغلب طرقها، والدوام يبدأ الساعة الثامنة ومن المفروض الحضور قبله بريع ساعة، ولا مساومة في تأخر المدرس دقيقة واحدة مع تأخر باقي الموظفين لساعات عديدة، ولا سائل ولا مستفسر، وهذا ليس طلبا في التساهل مع المدرسين، لكن من باب إنصاف هذه الطبقة المُهمشة والمُحتقرة، مدرس المدينة يتقاسمه مثلث الاقتطاع البنكي ودناءة الراتب وهاجس التعليق المجاني بدون سبب، العلاوات هزيلة وشبه معدومة ولا تصرف في وقتها غالبا، أما مُدرس الأدغال فعن مشاكله حدث ولا حرج، تجد معلما تتقاسم وقته مدرسة مكتملة من ستة أقسام، أقرب ما يكون بمرجن الناس ذوك، “ألا ينكرط ولل فوگ النار”، فلا يفرغ من قسم إلا ودخل قسما آخر، هذا في الوقت الذي يتكدس فيه المدرسون في الوزارة والإدارات الجهوية والمفتشيات ولا سائل يسأل عنهم، ولا مسؤول ينغص عليهم تفريغهم وراتبهم المستمر، ومع ذلك الوزارة لا تسأل عنهم وتمنحهم جميع العلاوات، وتُحقق مع المدرس الميداني في كل صغيرة وكبيرة، ولا تمنحه علاوة إلا بعد لأي، وتقطع منه كل ساعة تغيب، بل وتجمع له دقائق التأخر حتى تحصل منهم ساعة فتقطعها.

 

خاتمة:

سيدي الوزير هذا قليل من كثير مشاكل يعانيها المدرس الموريتاني، والذي إن وجدته من دون وسيط حدثك عنها، أردت إجمالها لكم علَّكم تضعونها في الحسبان، فهي تحتاج إلى التغيير الآن الآن وليس غدا، ولا تحتمل التأجيل، ومن أراد الفصل بينها فليعلم أن سفينة الإصلاح لن تبرح مكانها بل وربما يصيبها عطل يأتي على باقي محركها المتعطل أصلا.

المعلم: سهل ولد أحمد

عن Elmansour

شاهد أيضاً

أمبلل : تعرف على المنشآت الصحية في البلدية

وافقت السلطات الإدارية قبل فترة بتحويل النقطة الصحية بقرية أمبلل إلى مركز صحي من فئة …