شهادتي السياسية: من بوگي إلى كرمسين (الحـلقـة الخـامسة)

أضواء على الإستحقاقات الرئاسية والنيابية والبلدية مابين 1997
و 2003

ـ أولا : الإنتخابات البلدية والنيابية سنة2001 :
كانت الإنتخابات النيابية منظمة في وقتها العادي، فقد مضى على انتخاب مجلس النواب حينئذ خمس سنوات.
أما الإنتخابات البلدية فكانت سابقة لأوانها. كان على رأس اللائحة المرشحة لمنصب نائب مقاطعة كرمسين فضيلة الشيخ محمد المختارگاگيه وخلفه سعادة الأستاذ بُيَيْ ولد بابَنْ.
وكانت الإنتخابات النيابية والبلدية متزامنة. وقبل الحديث عن مجريات هذه الحملة أشير إلى أن منسق الحزب الجمهوري المكلف بالترشحات على مستوى بلدية كرمسين استلم ـ عند زيارته لقسم الحزب للتشاور مع مناضلي الحزب ـ اقتراحين للترشح لمنصب العمدة في شكل لائحتين ، على رأس إحدى اللائحتين (المقترحتين) السيد العمدة السابق الوالد محمذن ولد الصابر رحمه الله ، وعلى رأس اللائحة الأخرى الإطار السياسي الصديق الغالي والزميل المحترم السيد إبراهيم ولد الرباني رحمه الله.
وقُبيْلَ الحسم في قرار الحزب اختار الله تبارك وتعالى الوالد محمذن ولد الصابر لجواره عليه رحمة الله ورضوانه. وهنا أشير ــ وهذه قناعتي ويشهد عليها من يتابع الأحداث والتطورات خلال تلك الفترة ــ أنني لم أكن مرتاحاً للمقتَرَحَيْن المذكورين، لعدم تماشيهما مع ماعهدناه من الإنسجام التاريخي والترابط العضوي بين المكونات الإجتماعية في بلدية كرمسين، وكان يشاركني هذا الشعور العديد من الإخوة الذين كان لهم وزن سياسي كبير في الساحة المسينية.
نعم !
لم أكن مقتنِعاً بلائحة لا تجسد وحدة مكونات المجتمع المسيني لاسيما في بلدية كرمسين بالذات. و قد عبرت عن ذلك في غير ما مناسبة.
وفي إطار بحثي عما يمكن أن يحصل من توافق وانسجام بين المجموعات المعنية ببلدية كرمسين فقد اتصلت بالشخصية السياسية الوازنة في المقاطعة والرمز السياسي المعروف السيد أبيچل ولد هميد وهو حينئذ عضو المكتب التنفيذي للحزب الجمهوري الديمقراطي الإجتماعي، ويشغل منصب وزير الصحة، وكان في مهمة خارج البلاد (أثناء قدوم بعثة الحزب الجمهوري المكلفة بالترشحات)، وحين شرحت له موقفي من تلك الوضعية غير المريحة بالنسبة لي رد علي بقوله (موقفك هو نفسه موقف الشدو ولد بلي)، ودعاني لحضور اجتماع سيُعْقَد بعد يومين أو ثلاثة في منزل السيد الشدو ولد بلي رحمه الله. وفعلا عمل السيد الوزير ــ مافي وسعه في ذلك الإجتماع ــ من أجل توحيد لائحة المجلس البلدي جزاه الله خيرا وذلك ما تحقق ولله الحمد. وكان على رأس اللائحة الموحدة السيد الشدو ولد محمد المختار رحمه الله الذي كان هو الثاني من حيث الترتيب في اللائحة الأولى ، أما أنا ـ فرغم ما بذلته من جهود في سبيل توحيد الرؤية السياسية بين أبناء البلدية الذين أنظر إليهم كعائلة واحدة ـ فإن موقعي في تلك اللائحة الموحدة كان متأخرا جدا (رقم 13من أصل17) فاعتبرتُ شخصيا ذلك التأخر في موقعي على اللائحة ــ غير المقنع لحاضنتي الإجتماعية التي اعتبرَتْه ظلماً لها بحكم كمِّها الإنتخابي ــ أقول:
اعْتَبرتُه ثمناً لمْ أندَمْ على دفعه في سبيل وحدة أهلنا في عموم بلدية كرمسين .
فحرصي على توافقهم و وحدتهم يسمو على جميع المناصب السياسية والإداربة وما يترتب عليها من امتيازات معنوية ومادية زائلة.
ونظراً لتأخر موقعي في اللائحة (رقم13) فلم يظهر اسمي في ذلك المجلس البلدي ، لذلك فإن عضويتي فيه التي لم تتجاوز سنتين فقط (أي الفترة مابين 1999 و 2001) هي أول و آخر وظيفة سياسية أو إدارية أو تربوية…..) يتقلدها هذا العبد الفقير منذ التحاقه بالوظيفة العمومية 1يوليو1986 حتى كتابة هذه السطور ولله الحمد والمنة.
وظلت المجموعة التي أنتمي إليها تجمع بوتيدمه انچلار بدون تمثيل في المجلس البلدي طيلة خمس سنوات…..
وألفت انتباه القارئ الكريم بأن هذا التجمع السكاني الذي يشكل خزانا انتخابياً وازناً في بلدية كرمسين بقي ــ رغم كل الظروف التي تحدثت عنهاــ أقول: بقي منسجما مع باقي المجموعات المكونة للمجلس البلدي داخل الحزب الجمهوري الديمقراطي الإجتماعي الإجتماعي يشارك بفعالية في جميع الأنشطة السياسية الحزبية.

 .

كما بقيت بدوري أمارس نشاطي السياسي ـ تطوُّعاً ودون أية صفة سياسية أو إدارية ـ داخل هيآت الحزب الجمهوري بنفس الوتيرة إلى سنة 2004 أي بعد الإنتخابات الرئاسية الأخيرة (نوفمبر 2003)، وذلك لأسباب قد يضيق عنها المقام هنا، لكنها في مجملها، نتج عنها احتقان في الساحة السياسية المحلية وهدَّدَت وحدة النسيح الإجتماعي لساكنة كرمسين ، حينها فقَدَت المشاركةُ في الأنشطة السياسية ــ بالنسبة لي ــ نكهتَها المعهودة وطعمها الإجتماعي المعتدل الذي تعوَّدتُ عليه على مدى مايزيد على عقد من الزمن . ونظراً إلى أني ليس لدي ما أربحه – خلال مسيرة حافلة بالتفاعل الإيجابي مع محيطي الإجتماعي ولله الحمد- ، أقول: ليس لدي ما أربحه سوى البقاء على علاقات طيبة مع ذلك المحيط الإجتماعي الطيب، فإني حاولت أن أَنْأى بنفسي بعيداً قدر المستطاع عما شهدته الساحة المحلية من تجاذبات ــ لا مسوِّغ لها حسب وجهة نظري ــ داخل هياكل الحزب الجمهوري في مقاطعتي الحبيبة كرمسين خلال الفترة الممتدة من 2003 إلى 2005). ومهما يكن من أمر فإني واكبت تلك التطورات السياسية بشيء من التحفظ وبقيت على صلة وثيقة بالشخصيات التي كنت تعرفت عليها منذ بداية مشواري السياسي. وهي شخصيات سياسية تستحق علي ــ من منظور الشاب الذي يمارس السياسة كمناضل يطمح لما يخدم مجتمعه ومستقبله في الوحدة والإنسجام ــ أقول: تستحق علي تلك الشخصيات التي تُعَد من رموز البلد أن أحترمها وأقدر لها ما بذلته من جهود في سبيل خدمة الوطن بصورة عامة والمقاطعة بصورة خاصة. لذلك بقيت رغم ذلك كله منسجما مع النظام القائم حينها قناعة مني بأهليته لتسيير الشأن العام في تلك المرحلة .
عودة إلى ما يُسْندُ لي من مهمات موسمية (مرتبطة عادة بحملات انتخابية معينة)
فأذكر بما يلي:
ـ كنت المسؤول الإعلامي والثقافي الأول في جميع الإستحقاقات على مستوى بلدية كرمسين ابتداء من الإنتخابات البلدية 1994 و انتهاء بالإنتخابات الرئاسية 2003
ـ كنت مدير الحملة في انتخابات بلدية كرمسين 2001 . وأشرفت على صياغة البرنامج الإنتخابي لعمدة كرمسين المغفور له بإذن الله صديقي الغالي السيد الشدو ولد محمد المختار . وكان يُسَجَّل لي ـ مع تكليفي بإدارة الحملة على مستوى بلدية كرمسين ـ حضوري المتميز في عموم الخريطة السياسية للمقاطعة طيلة الحملة رفقة الطاقم المشرف عليها برئاسة المنسق العام للحملة على مستوى مقاطعة كرمسين الأستاذ عيسى ولد بلَّالْ والمنتخبين. وأتذكر أنني خلال تلك الحملة كنت ذات مرة ضمن قافلة انطلقت من قرية ٱمنيدير شمال بلدية امبلل تجوب جميع القرى ــ من أجل التعبئة للتصويت لصالح لوائح الحزب ــ من الساعة السابعة والنصف صباحا ومررنا بجميع القرى الموجودة في طريقنا على مستوى بلدية امبلل و بلدية كرمسين وتابعنا مسيرنا في قرى بلدية انچاگو فوصلنا إلى قرية ابدن عند صلاة العصر. بعد استراحة قصيرة تناولنا خلالها وجبة الغداء تابعنا التعبئة والتحسيس في باقي قرى البلدية ومكثنا فترة قليلة أيضا في قرية برت لتناول العشاء، وذلك في حدود الساعة الثانية فجرا ….
ولاحظت أنه عند عودتي لحاضرتنا (الأمل48) كان المؤذن يؤذن لصلاة الصبح .
وهكذا كانت الحملة تتسم بالكثير من الأنشطة حيث تكلفت فيها العديد من الأسفار لأنها كانت تجمع بين انتخابات بلدية وانتخابات نيابية.
و بتضافر جهود المناضلين في الحزب على امتداد تراب المقاطعة وبجهود طاقم تلك الحملة المميز نجحت لوائح الحزب الجمهوري على مستوى المقاطعة ، فحصل الحزب الجمهوري على منصب النائب وعمد البلديات.
4 ـ إطلالة مختصرة على الإنتخابات الرئاسية عامي 1997 و 2003 :
ـ واكبتُ الإستحقاقيْن الرئاسييْن المذكوريْن وكانت مهمتي في الإستحقاق الرئاسي عام 1997 إعلامية وثقافية بحكم ما يُسْند إلي عادة من مهمات تتعلق بالإعلام والثقافة منذ أول نشاط سياسي أمارسه.
فقد كنت رئيس لجنة الإعلام والثقافة في بلدية كرمسين (مع أن التنافس لم يكن في المستوى الذي وصل إليه سنة 1992و سنة2003.). وقد ساعدتني تجربتي في الإنتخابات الرئاسية سنة
1992 في القيام بهذه المهمة بالتعاون مع طواقم من الأطر المسينيين الأكفاء الذين استفدت من خبرتهم وتجربتهم في هذا الميدان.
ـ وفي الإنتخابات الرئاسية المنظمة سنة2003 أُِسنٍدَت لي مهمة إدارة الحملة المقاطعية في جانبها المتعلق بقطاع الشباب وذلك عند ما زار المقاطعة المنسق الجهوي لحملة الشباب بولاية الترارزه الدكتور أحمديوره ولد حي فطلب من يساعده في هذه المهمة وكان المندوب المقاطعي في رحلة علاج إلى السنغال. وكنت حينها الأمين المقاطعي المكلف بالعمل النضالي وبالحملات والنشر.
فوجدت نفسي مضطرا لتمثيل شباب المقاطعة ـ المنضوين في الحزب الجمهوري ـ في الإسهام في نجاح المرشح للرئاسة السيد معاويه ولد سيدي أحمدولد الطايع مع الإشارة إلى أن الحملة كانت محتدمة بين مرشح الأغلبية ومرشحي المعارضة. وهذا تقرير عن تلك الحملة أنشره في هذه الحلقة 

.

وفي الأيام الأخيرة من الحملة كُلِّفْتُ من طرف السلطات الإدارية الجهوية في روصو لتوزيع بطاقات الناخب في مكتب لَوْرِينْ (مركز جدر المحگن الإداري) الذي عُيِّنتُ رئيساً له. وبقيت أصول وأجول بين مقاطعة روصو التي يتبع لها مكتب التصويت ومقاطعة كرمسين حيث أشارك بفعالية في الحملة الرئاسية . وانتهت الإنتخابات بفوز الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع.

خـاتمــة :
اقتصرتُ على الحديث في هذه التدوينات التي عَنْونتُها بشهادات سياسية (من بوگي إلى كرمسين) على شهادتي على أحداث سياسية عشتها شخصيا في مجال زمني محدود، بدَأَ مع بزوغ فجر جديد من التحول السياسي في البلد وانتهى بنهاية نظام سياسي يُحسَبُ له السَّبْقُ ــ من بين مختلف الأنظمة فيما عُرِف بالعهد الإستثنائي ــ في وضع أُسُسِ ذلك التحول السياسي وما تبعه من تداعيات شملت مختلف مناحي الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية. ولايسعني إلا أن أعتذر للقارئ الكريم عما يلاحظه من نواقص في هذه التدوينات التي تفتقر للكثير من ترتيب الأفكار وعدم التقيد بتسلسل الأحداث في بعض الأحيان ، لكن يشفع لكاتبها كونها ليست مذكرات سياسية بالمعنى المعروف للمذكرات بل مجرد خواطر ليس إلا….؛
كما أعتذر لكل من نسيت ذكر اسمه من الإخوة والأخوات الذين تشرفت بمرافقتهم خلال مسيرتي السياسية من بوگي إلى كرمسين لأن المقام هنا مقام اختصار مع أني أعترف بأن ما حصلت عليه من تأطير وإرشاد من طرف أولئك الإخوة الذين تشرفت بمرافقتهم في تلك المدرسة الإجتماعية والسياسية كان له الأثر الواضح في منهجيتي وأسلوبي في التعامل مع محيط سياسي متقلب واكبت تطور أحداثه بصعوبة بالغة وذلك عبر مايزيد على ثلاثة عقود. فلهم مني جميعا جزيل الشكر و عظيم الإمتنان وكامل التقدير والإحترام.
والله يعصمنا من الزلل ويوفقنا في القول والعمل. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى ٱله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

الشيخ أحمدسالم ولد أحمدو ولدبَيِّ الملقب ٱشاه.
(مواطن من مقاطعة كرمسين).
بتاريخ 03 محرم 1447هـ
الموافق 29 يونيو 2025م


عن Elmansour

شاهد أيضاً

الشيخ أحمدسالم ولدأحمدو الملقب ٱشاه ” يعلق على كلمة ابيچل هميد بشأن برنامج “تعمير مدن تٱزر” (تدوبنة)

يعتبر تقويم القامة الإدارية والسياسية المعروف السيد الرئيس ابيچل ولد هميد لبرنامج “تعمير مدن التٱزر” …