واصل الجيش الروسي تقدمه في الأراضي الأوكرانية، صوب العاصمة كييف، لليوم السادس علي التوالي، بعدما تمكن الثلاثاء، من السيطرة علي مدينة خيرسون جنوبي أوكرانيا الواقعة قرب شبه جزيرة القرم، في وقت حدد فيه الرئيس الروسي فلادمير بوتين 5 مطالب مقابل وقف إطلاق النار، بمقدمتها احترام اعتبارات الأمن الروسي.
وبالتزامن مع توالي العقوبات الدولية علي روسيا رداً علي العملية العسكرية التي أعلنتها موسكو من جانبها “دفاعاً عن أهالي إقليم دونباس” ، واصل الجيش الروسي تحركه للسيطرة علي أوكرانيا عبر عدة محاور، بما في ذلك من القرم.
وطالب رئيس بلدية خيرسون، إيجور كوليخايف من سكان المدينة البالغ عددهم نحو 280 ألف نسمة عدم مغادرة منازلهم، قائلاً: أنا مسئول عن حياتكم.. والقيمة الأهم التي تمتلكها هذه المدينة هي حياتكم. هذه ليست معركة إنها حرب”.
وكانت روسيا أعلنت أنها حاصرت المدينة الأحد، فيما أفاد الجيش الروسي بأنه سيطر على مدينة برديانسك المطلة على بحر أزوف شمال غربي القرم.
ومن جهة أخرى، قتل أكثر من 70 جنديا أوكرانيا في قصف مدفعي روسي لقاعدة عسكرية في مدينة أوختيركا، الواقعة بين خاركيف وكييف، وفقا لما أورده حاكم المنطقة دميترو زيفيتسكي على تطبيق “تليجرام”.
وقال في منشور لاحق على “فيس بوك”، إن العديد من الجنود الروس وبعض السكان المحليين لقوا حتفهم خلال الاشتباكات التي وقعت الأحد.
وبالتزامن مع التحرك الروسي المدعم من الشيشان، أعلن الزعيم الشيشاني رمضان قديروف حصيلة أولية لخسائر قواته المشاركة في العمليات ، مشيراً إلي أن جنديان شيشانيان قتلا وأصيب 6 أخرين.
ونشر الرئيس الشيشاني على قناته الخاصة على “تليجرام” وفقا لوكالة “سبوتنيك” الروسية للأنباء، قائلا: “اختار هؤلاء الرجال أن يصبحوا أبطالًا ضحوا بأرواحهم من أجل أمن البلدين، وكان لديهم أمر بتقليل الخسائر بين السكان المدنيين في أوكرانيا، ونفذوا ذلك
أوكرانيا تفتح أبوابها لـ”المقاتلين الأجانب” بحزمة تسهيلات
في المقابل، قرر الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي إعفاء “المرتزقة الأجانب” الذين يصلون إلى البلاد تباعاً للمشاركة في القتال من تأشيرات الدخول.
وجاء في المرسوم الذي أصدره زيلينسكي: “اعتبارا من 1 مارس، وطيلة فترة الحرب أو حتى يتخذ الرئيس قرارا آخر بهذا الصدد، تطبيق نظام الدخول بدون تأشيرة للأجانب الراغبين في الانضمام إلى فيلق الدفاع الإقليمي الأممي“.
وفيما قال وزير خارجية أوكرانيا دميتري كوليبا، إن “الأجانب الذين يرغبون في الدفاع عن أوكرانيا في إطار فيلق الدفاع الإقليمي الأممي، يمكنهم مراجعة سفارات أوكرانيا في بلدان إقامتهم”.
وقرار الرئيس الأوكراني بشأن المقاتلين الأجانب ، جاء بعد يوم من إعلان وسائل إعلام بريطانية الدفع بـ 60 “متطوع” علي الأقل للمشاركة بجانب الأوكرانيين في المعارك الدائرة ، حيث ذكرت صحيفة “ديلى ميل” البريطانية إن المتطوعين تحركوا صوب أوكرانيا للقتال ضد القوات الروسية، بقيادة ماموكا مامولاشفيلي، 43 عاما ، قائد الفيلق الوطني الجورجي ، جنود الجيش والقوات الخاصة السابقين.
وقالت وزيرة الخارجية ليز تروس، حينها إن المملكة المتحدة ستدعم البريطانيين إذا سافروا للانضمام إلى حركة المقاومة التى تتصدى بشجاعة للقوات الروسية. فيما ماموكا مامولاشفيلي: “لدي مجموعة كبيرة جدًا من البريطانيين، حوالي 60 مسافرًا إلى أوكرانيا للانضمام إلى وحدة العصبة الوطنية الجورجية. إنهم يسافرون بالسيارة من المملكة المتحدة وسيعبرون الحدود البولندية. أتوقع وصولهم هنا بالمعدات والإمدادات في الأيام القليلة المقبلة. هم في الغالب من الرجال الذين قاتلوا معي في أوكرانيا من قبل ولكن هناك أيضًا مجندين جدد.”
وأضاف “سنوفر لهم التدريب والأسلحة وهم يأتون من لندن ومن جميع أنحاء بريطانيا. خلفيتهم هي الجيش البريطاني السابق والقوات الخاصة وهم مقاتلون جيدون ، ويمكن الوثوق بهم لمواجهة المعتدين الروس والأهم من ذلك الفوز.”
وأكد “ما أريد أن أؤكده هو أن أيا منهم لا يتقاضى راتبا ، فهم ليسوا مرتزقة ، كلهم متطوعون.”
وقالت الصحيفة إن القائد مامولاشفيلي من قدامى المحاربين في حرب عام 2008 ضد روسيا في جورجيا وخبير في فنون القتال المختلطة وأسس الوحدة في عام 2014 لتوفير المقاتلين الأجانب في حرب أوكرانيا ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا في منطقة دونباس.
تحرك روسيا لصد العقوبات الاقتصادية
وبعد أيام من العقوبات المتتالية، قرر البنك المركزي الروسي مساء الاثنين تعليق التداولات في سوق الأسهم ببورصة موسكو الأسبوع الجاري وحتى 5 مارس 2022 ، وذلك في ظل الضغوطات الخارجية التي تتعرض لها السوق الروسية
وقال المركزي الروسي، في بيان: “في الفترة من 1 مارس 2022 وحتى 5 مارس من الشهر نفسه لن تعقد جلسات تدوال في (سوق الأسهم ببورصة موسكو).
ويأتي القرار كإجراء احترازي في ظل الضغوطات الخارجية التي تتعرض لها السوق الروسية، بعد إعلان الغرب فرض حزمة جديدة من العقوبات، والتي طالت البنك المركزي الروسي.
والأثنين، أعلن البنك المركزي ووزارة المالية في روسيا عن حزمة إجراءات تاريخية لتحقيق الاستقرار المالي في البلاد، ومن هذه الإجراءات رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى مستوى 20%، كذلك إلزام المصدرين في روسيا بييع 80% من عائدات النقد الأجنبي.
وبنهاية الاثنين ، هبط سعر صرف الروبل إلى مستويات تاريخية أمام الدولار بعد فرض عقوبات على عدد من المصارف الروسية بعزلها عن نظام سويفت العالمي، قبل أن يعاود ويقلل خسائر مع اتخاذ البنك المركزي الروسي سلسلة إجراءات لدعمه.
وقررت الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي توسيع العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بعزل كبرى مصارفها عن استخدام نظام سويفت العالمي لتحويل العملات، وتجميد أصوله الملوكة بالخارج حتى لا يتمكن من استخدام الاحتياطات النقدية في تقليل تأثير العقوبات
ونزل سعر الصرف الروبل أمام الدولار في افتتاح تعاملات الاثنين، بنسبة 31% إلى 109 روبل للدولار الواحد.
بدوره، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الثلاثاء، أن آثار العقوبات على روسيا بدأت تظهر بالفعل.
وأشار برايس، في حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” حسبما أفادت قناة ” الحرة” الأمريكية، إلى انخفاض قيمة العملة الروسية “الروبل” إلى أقل من سنت دولار، وتخفيض وكالة “ستاندرد آند بورز” تصنيف ديون روسيا السياسية إلى مرتبة عالية المخاطر وإغلاق البورصة الروسية حتى الخامس من مارس الجاري على الأقل.
مفاوضات علي خط النار
وفى اتصال هاتفي جمع الرئيس الروسي فلادمير بوتين ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ، قال بوتين إن التسوية “ممكنة” إذا ما تم وضع المصالح الروسية في مجال الأمن في عين الاعتبار.
ووضع بوتين شروطه لوقف إطلاق النار، بحسب بيان الكرملين، الاثنين حيث أكد أن التسوية ممكنة فقط إذا تم أخذ المصالح الأمنية المشروعة لروسيا في الاعتبار، بما في ذلك الاعتراف بالسيادة الروسية على شبه جزيرة القرم، وحل مسائل نزع السلاح والقضاء على نازية الدولة الأوكرانية وضمان وضعها المحايد”.
وفى الساعات الأولي من صباح الثلاثاء، انتهت في بيلاروسيا الجولة الأولى من المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، التي تعد الأولى من نوعها منذ اندلاع الحرب، في الوقت الذي أعلن فيه الكرملين شروطه لإمكانية وقف الحرب على أوكرانيا.
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده تستعد للجولة الثانية من المفاوضات عند عودة هيئة التفاوض الأوكرانية ومناقشة ما جرى معها. فيما أعلن الكرملين أن المفاوضات الروسية الأوكرانية يجب أن تجري في جو هادئ وصامت ومن دون صخب.
وقال زيلينسكي، إن المفاوضات مع روسيا لم تحقق النتائج المرجوة بالنسبة لنا، داعيا إلى فرض منطقة حظر طيران على الطائرات والمروحيات والصواريخ الروسية، فضلا عن منعها من دخول جميع الموانئ والمضائق والمطارات في العالم.
وأضاف زيلينسكي في خطاب موجه للأوكرانيين، “يجب أن نفكر في إغلاق كامل للمجال الجوي أمام الصواريخ والطائرات والمروحيات الروسية.. يجب منع مثل هذه الدولة من دخول جميع الموانئ والمضائق والمطارات في العالم. مثل هذه الدولة يجب ألا تتلقى مئات المليارات من صادرات الطاقة”.
من ناحية أخرى، اعتبر فاسيلي نيبنزيا مندوب روسيا بمجلس الأمن، أن مبررات واشنطن بشأن إبعاد دبلوماسيي موسكو غير مقنعة، في إشارة منه إلى الخطوة الأمريكية بإبعاد الدبلوماسيين، بدورها رفضت نائب المندوبة الأمريكية مناقشة قرار إبعاد الدبلوماسيين الروس.
واتهم نيبنزيا واشنطن بمخالفة التزاماتها كدولة مضيفة في إطار القوانين المطبقة على الأجانب العاملين في الأمم المتحدة.
وتلقى 12 عضوا في البعثة الدبلوماسية الروسية لدى الأمم المتحدة أمرا بمغادرة الولايات المتحدة قبل السابع من مارس، على ما أعلن السفير الروسي لدى المنظمة الدولية فاسيلي نيبنزيا الإثنين خلال مؤتمر صحفي.