الوطن فوق كل اعتبار…قراءة في دلالات خطاب انبيكة لحواش 8 نوفمبر 2025 (عالي أكريكد)

لطالما عبرنا أكثر من مرة عن خطورة التقري العشوائي ووقوفه عائقا صلبا أمام كافة أوجه التنمية، ومن نافلة القول أن هذا الداء العضال تغذيه الأطر القبلية القائمة منذ تأسيس الدولة الحديثة، هذه الأطر التي تنمو و تكبر في بعض الفترات من خلال تعاطي بعض الأنظمة السياسية المتعاقبة معها بالأحضان، وقد تنحسر و تدخل في بيات شتوي -نادرا -عندما لا تجد في النظام السياسي ملجأ لإشباع تغولها و تمددها و تماديها..

فمن المعروف أن مشاكل الملكية العقارية ومشاكل الصحة و مشاكل التعليم و مشاكل المياه و الكهرباء و مشاكل الاتصلات و مشاكل الأمن والمشاكل الناجمة عن التطرف الديني والتطرف في خطابات الكراهية، ومشاكل المخدرات و مشاكل البطالة و مشاكل الزراعة و التنيمة الحيوانية، و مشاكل البيئة و انتشار القمامة، و مشاكل الجريمة في صفوف الأحداث، و مشاكل التفكك الأسري وحالات الطلاق وتداعياته الخطيرة على بنية المجتمع….. كل هذه المشاكل سببها الأول هو تلك الخطابات القبلية و الجهوية والطائفية و الشرائحية …

و المؤسف في الأمر كله أن نرى اليوم شبابا من خريجي الجامعات يلوكون الخطاب نفسه الذي مجته أجيال الرجعية وكان لها عاصما من التحييد عن المشهد…

من المؤسف كذلك أن تعتبر المدرسة و المستشفى ملكية أهلية لا مرفقا عموميا…

من المؤسف جدا أن نرى قرية خاوية على عروشها إلا من بعض الدور الزاهية التي بناها أصحابها و هجروها إلى العاصمة و تركوا حواليها مجموعات من الضعفاء والمهمشين يحاولون بكل جهد أن تحظى بمدرسة و مستشفى و حانوت أمل و شبكة اتصالات و بئرا ارتوازيا و…و…. في الوقت الذي غادر فيه الساسة بأبنائهم إلى الحضر ولم يقوموا بفك الارتباط بالقرية لأنها بالنسبة لهم واجهة للحضور السياسي و الحشد الجماهيري الذي يمكنهم من التعيين و البقاء في السلطة…

من المؤسف أن نرى جيوشا من الموظفين السامين يرحلون في جحافل من المدونين و”المنصاتيين” و قوافل و مسيرات من السيارات الفارهة الممولة على حساب أموال دافعي الضرائب …نراهم في كل مناسبة زيارة لفخامة رئيس الجمهورية إلى الداخل متذرعين في بذل ذلك الجهد بالمشاركة في إنجاح الزيارة و هم في الحقيقة – وهذا لم يعد خافيا- إنما يفعلون ما يفعلون طمعا في المحافظة على منصب لم يحصلوا عليه بالكفاءة، أو طمعا في الحصول على التعيين في منصب أرفع لن يحصلوا عليه بالكفاءة أيضا….

لقد تفطن فخامة الرئيس لخطورة هذا الوضع على الوطن و على التنمية و على هيبة الدولة و على اللحمة الاجتماعية و الوحدة الوطنية والتوزيع العادل للثروة بين أفراد الشعب، فأطلق كلماته الصادقة من انبيكت لحواش قائلا لدعاة الرجعية إن أمركم قد استفحل و لم يعد مقبولا ولن يكون هناك أي تساهل في هذا الشأن اعتبارا من اليوم.

فأعلن فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني،من انبيكة لحواش أنه لن يكون هناك أي تساهل بعد اليوم مع أي استخدام للقبيلة أو الجهة أو الشريحة في استخدامات منافية لمبادئ الدولة الوطنية، مضيفا أنه يحظر على الموظفين وأعوان الدولة، باعتبارهم رموزا للدولة، تنظيم أو حضور أية فعاليات ذات طابع قبلي أو جهوي أو أنشطة متنافية مع ترسيخ مفهوم الدولة .

وحذر فخامته من النزاعات القائمة على أساس قبلي، سواء تعلق الأمر بآبار المياه أو الحواجز الرملية أو غيره.

وأضاف فخامته، خلال لقاء مع أطر ووجهاء مقاطعة اظهر في مدينة انبيكت لحواش الليلة البارحة، أن مثل هذه الممارسات مضر بحاضر ومستقبل هذا الوطن، وبالتالي فهي لم تعد مقبولة نهائيا.

وشدد على أن الانتماء الوطني يجب أن يكون فوق كل اعتبار ويسبق كل الانتماءات الأخرى، مؤكدا أنه لن يتم التساهل مهما كان الثمن مع أي دعاية ذات طابع شرائحي أو عنصري، مع ضمان مكفولية حرية التعبير للجميع.

وأوضح صاحب الفخامة أن الطموح لتقدم بلدنا وازدهاره لن يتم إلا ببناء دولة المواطنة التي تقضي على الفوارق والتمييز، ولا مكان في الدولة الوطنية للتراتبية القبلية أو الفئوية أو الشرائحية.

وأوضح أن الولاء للوطن يجب أن يكون بتفادي الجوانب السلبية للقبلية والجهوية وما تسببه من تعصب غير مقبول وضار بالوطن ولا يمكن أن يسايرها مفهوم الدولة الوطنية.

وعبر فخامة رئيس الجمهورية عن أمله في أن تساهم النخب السياسية والمجتمعية والشبابية في التوعية وإظهار الجوانب السلبية للقبلية والجهوية وما تسببه من تعصب غير مقبول وضار بالوطن.

شكرا فخامة الرئيس، فقد شخصتم الداء ووضعتم اليد على مكمن الجرح.

عاشت موريتانيا حرة أبية آمنة مزدهرة.

عالي المختار أكريكد المدير الجهوي للتعليم بولاية اترارزة

عن Elmansour

شاهد أيضاً

الشيخ أحمد سالم ولد أحمدو يكتب  همسات مسائية

مع اعترافي بعدم الأهلية للخوض في القضايا التي تمس الحياة الإجتماعية والسياسية للمجتمع، إلا أنه …