بعد أشهر من التكهنات حول من سيقود أركان الجيش الموريتاني، قطعت الرئاسة الشك باليقين اليوم الخميس، وكشفت هوية زعيم المؤسسة العسكرية الجديد؛ إنه الفريق مختار ولد بله ولد شعبان.
كان ولد بله هو الشخصية الثانية في قيادة الأركان بعد الفريق محمد ولد مكت الذي استفاد من حقه في التقاعد، ليبدو ما حدث مجرد تناوب بين رجلين كانا في مكتبين متجاورين.
ولكن الموريتانيين منذ صدور المرسوم وهم يسألون عن مسيرة الرجل الذي سيقود الجيش، أهم مؤسسة في البلاد، ويتعاقب ضباطها على الحكم منذ عقود.
ابن النعمة !
التحق ولد بله بالجيش ما بين عامي 1979 و1980، في أعقاب حقبة الحرب على الصحراء، الحرب وإن كانت توقفت آنذاك إلا أن تداعياتها ماتزال ماثلة للعيان، فالبلد يعيش اضطرابات سياسية كبيرة، وضباط الجيش يتنازعون الحكم.
في ظل تلك الأجواء الصعبة، تدرج ولد بله في مهام داخل الجيش، جعلته بعد أربعة عقود من الخدمة يوصف بأنه واحد من أكثر الضباط خبرة في المؤسسة العسكرية.
ابن مدينة “النعمة”، في أقصى شرقي موريتانيا، بدأ مساره المهني من مدينة ازويرات، أقصى شمالي البلاد، متدرجا حتى أصبح عام 1994 قائدا للكتيبة رقم 22 في ازويرات.
بعد أربع سنوات من الخدمة العسكرية في تيرس الزمور، عين ولد بله رئيسا لمكتب تنظيم التدريب في المدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة بمدينة أطار، عاصمة الشمال.
الاحتكاك الأول !
مع مطلع الألفية الثالثة، عين ولد بله قائداً للكتيبة رقم 21 في “بير أم اكرين”، مجذرا علاقته المهنية بمناطق الشمال، حيث يتمركز ثقل وقوة الجيش الموريتاني.
ولكن، في نفس الفترة كان محمد ولد مكت يقود المنطقة العسكرية الثانية التي تتبع لها كتيبة “بير أم اكرين”، فكان ذلك أول احتكاك مهني مباشر بين الرجلين، قبل أن يلتقيا في قيادة أركان الجيش بعد عقدين من الزمن.
قاد ولد بله كتيبة بير أم اكرين لأربع سنوات، قبل أن يستفيد من تدريب عسكري في الخارج، وعند عودته منه نهاية عام 2004 عينه معاوية ولد سيد أحمد الطائع مساعد قائد مركز تدريب الجيش الوطني بمدينة أكجوجتً.
طبول الحرب !
كان مركز التدريب مهما في ذلك، لأن طبول “الحرب على الإرهاب” كانت تدق في العالم أجمع، وموريتانيا تحديدا، وسريعا ما استهدفت “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” الجزائرية حامية لمغيطي، وقتلت عشرات الجنود الموريتانيية، منتصف عام 2005.
في نفس العام عاد ولد بله إلى ولاية تيرس زمور، ولكنه هذه المرة عين القائد المساعد للمنطقة العسكرية الثانية بافديرك.
وبعد 12 عاما من العمل في عدة مناطق من شمال البلاد، عين قائدا للمنطقة العسكرية السابعة بألاك، وسط البلاد، وفي عام 2012 عين قائدا للمدرسة العسكرية لمختلف الأسلحة بأطار.
استمر ولد بله في قيادة هذه المدرسة لمدة ، عاصر خلالها إعادة هيكلة الجيش الموريتاني، ومواجهاته القوية مع كتائب “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” على الحدود الشرقية للبلاد، وحتى داخل العاصمة نواكشوط.
داخل القيادة !
بعد عدة أعوام، عين ولد بله قائدا للتجمع الوطني لأمن الطرق، لمدة أربعة أعوام ، قبل أن يعين عام 2020 قائدا مساعدا لأركان الجيوش.
قبل أشهر حصل ولد بله على شهادة دورة الأركان للضباط السامين، وشهادة ماستر في التخطيط والعلاقات الدولية من كلية الدفاع لمجموعة الساحل الخمس في نواكشوط.
وفي شهر مارس الماضي تمت ترقيته إلى رتبة فريق، فيما بدا أنه تحضير لتوليه قيادة أركان جيوش موريتانيا بعد أكثر من أربعين عاماً من الخدمة العسكرية.