المفتش محمد مني غلام يكتب : في ذكرى ” شر بب “

لم تترك الحرب الضروس بين الزوايا وحسان في المنكب الغربي لولاية اترارزه والمعروفة ب ” شربب ” والتي دارت رحاها اخريات القرن 16 ميلادي اي ضغينة بين القوم، وسرعان ما نجح الطرفان في تطبيع علاقاتهما فانتصب الزوايا قضاة ومشايخ محاظر ومصلحين وتفرغت طبقة ” لعرب ” لحماية النظام الاجتماعي القائم ، فتعزز التخصص وقتها

صحيح أن المشروع الإصلاحي لناصر الدين و القائم على إقامة ” دولة الورع والتقوى ” قد تعثر أو تأجل لكن في المقابل فإن ” حسان” لم يقيموا دولة الكفر والفسوق بل حرصوا على رعاية النهضة العلمية في القرن 13 هجريه وقربوا العلماء وبجلوهم واسندوا لهم وظائف القضاء والفتيا
بل من اللافت للانتباه أن حرب شرببه كانت مظهرا لانقسام داخلي بين الزوايا فلم تقف ” حسان ” ضد طموحات ” الولي ” ناصر الدين إلا بفتوى مشهرة من طرف بعض كبار علماء الزوايا وهو ما يشير بوضوح إلى أن المجتمع بفئتيه ظل يتحرك في ظل مقاربة الخضوع للحكم الشرعي وإن كان ذلك بفهم مختلف ، وليس ذاك بالأمر الغريب خصوصا عندما يتعلق الأمر بسياسة الحكم ، فقد اختلف قبلهم كبار الصحابة بل ووصل الأمر بهم إلى الاقتتال في وقعات الجمل وصفين، هذا يعني أن شربب ليست إلا واحدة من تجليات ” نازلة الحكم وقواعده” في الفكر السياسي الإسلامي والتطبيقات المازومة لتلك النازلة
بقي أن نعرف أن ظاهرة ” شر بب” هي ظاهرة محدودة للغاية على مستوى المكان والزمان ، وبقيت قبائل عديدة تعرف بقبائل السيف والقلم أو الكتاب والركاب تتعاطى مع صرير القلم وقعقعة السلاح، كما بقى ان نعرف ان حروب شرببه ذاتها اختزنتها ذاكرة الزوايا وحسان في هذه المنطقة كجزء تراثي من تاريخهما المشترك خالي من أي شعور بالعداء، بل كانت تلك الحرب رافدا للجزء الكوميدي من حياة المجموعتين،

عن Elmansour

شاهد أيضاً

ولد ضياء الدين : ما فيه تعليمنا اليوم من ترد سببه استنساخ تجارب بلدان أخرى

كتب ابن المقاطعة المكون بمدرسة تكوين المعلمين بكيهيدي السيد : محمد الشيخ ضياء الدين تدوينة …

لا يسمح بنسخ محتويات موقع مسين انفو بدون إذن مسبق