ذكريات معلم خريج !!
سبتمبر 24, 2022
تدوينات
427 زيارة
بمناسبة قرب افتتاح السنة الدراسية لهذا العام سنبدأ في موقع “مسين إنفو” بحول الله وقوته نشر حلقات “ذكريات معلم خريج” التي يكتبها مفتش التعليم بمقاطعة كرمسين السيد محمد باب ولد يحي و سنبدأ اليوم بنشر الجزء الأول منها
الجزء الأول :
كان الرابع على لائحة خريجي مدرسة تكوين المعلمين بروصو وكان ممن ظهرت اسماؤهم في لائحة التحويلات موضوعين تحت تصرف والي ولاية كوركول وهو ابن الثالثة والعشرين الذي لم يسافر قط إلا بين انواكشوط وروصو .
بدا المعلم الخريج يتحسس اخبار ولاية كوركول واساليب عيش ساكنتها وتنوعهم .كانت التحويلات آنذاك تنشر على جدران مدرسة تكوين المعلمين في الخامس عشر من سبتمبر وترفق بإعلان نقل الخريجين .
البعض ينقل برا إلى الولايات التي تصلها طريق الأمل او طريق روصو او أطار والباقون ينقلون جوا عبر الخطوط الجوية الموريتانية .
كان صاحبنا ضمن جماعة من رفاقه استلموا تذاكرهم من إدارة الشؤون الإدارية والمالية وبدأيجهز حقيبته وكان من أهم مشترياته مذياعا وناموسية وغطاء رقيقا قماشيا لأن المنطقة حارة حسب ما تحصل عليه من اخبار .
كان المعلم الخريج يتقاسمه هاجسان من الخوف والرجاء خوف من السفر إلى مناطق بعيدة وماقد يجد من صعوبات في التكيف مع ضيق ذات اليد ، ورجاء لحلم وظيفة تؤمن له لقمة عيش وتحقق له بعضا من حاجاته.
وكان السفر بالطائرة لأول مرة في حياته لا يقل شأنا بل ونقطة تحول فارقة في اسفاره.
بعد استلامه للتذكرة اختار ان يحجز صحبة زملاء له في نفس الرحلة وكان له ذلك يوم 20/ 9 /1987 الحضور للمطار الخامسة والنصف والإقلاع السابعة صباحا.
بعد ان تم الحجز تكالبت على المعلم الخريج الهموم وازداد قلقا وبدا يبحث عن مكان قريب من المطار للمبيت والوصول في الوقت فوجد منزلا لأقرباء له شمال غرب ملعب لكصر ولم يذق للنوم طعما بسبب بعض زملائه واصدقائه الذين حضروا لتوديعه .
وماإن اشارت عقارب ساعة صاحبنا ارقامها على الأصح إلى الخامسة والربع حتى ذهب مع لم يتغلب عليه النعاس من أصحابه إلى المطار سيرا على الأقدام .
وبدات إجراءات السفر وودع اصدقاءه الذين سلموه لزملائه في الرحلة .
كانت الطائرة من نوع افوكير 28وهي مكيفة ونظيفة ومليئة بلوحات موريتانية عن الصناعة التقليدية والصيد والواحات والزراعة والمدن الاثرية والمخطوطات وكانها تعطي لزائري البلد دليلا سياحيا موجزا عن بلادنا .
بدات الطائرة تتحرك على مدرج المطار والمعلم الخريج مندهش ومنبهر من كل ما يحيط به أعلانات قمرة القيادة التي تقول إن الرحلة بين انواكشوط وكيهيدي مدتها خمس وثلاثون دقيقة وهو لا يكاد يصدق وبعض الركاب الذين يحتجون لأنهم لم يسمعوا في الإعلان ان الطائرة ستوصلهم إلى سيلبابي .
وبعد ان توارت عن ناظري صورة مدينة انواكشوط واستوت الطائرة الأجواء خرج إلينا أحد افراد طاقم الطائرة ليهدئ المسافرين بان الطائرة متجهة إلى سيلبابي ولكنهم اكتفوا بذكر كيهيدي لأنها المحطة الأولى للهبوط.
وبما ان صاحبنا كان لايصدق المدة المعلنة للرحلة فقد ظل يرجع البصر إلى ساعة ألكترونيك في معصمه إلى ان اعلنوا ان الطائرة تحلق على كيهيدي ازاح ستار النافذة فإذا بالمدينة والنهر والمزارع تتراءى له.
شد حزامه وانتبه فارتطمت عجلات الطائرة بمطار كيهيدي في الوقت المحدد وحينها تنفس صاحبنا الصعداء وبدأ يتهيأ للخروج إلى العالم الجديد كيهيدي والإدارة الجهوية ومعركة التحويلات في الولاية والبحث عن مستقر …
( يتواصل)